كيف نحمي كبار السن من الإصابة بالاكتئاب؟

 



يصاحب تقدم العمر حدوث العديد من التغيرات الجسمانية والاجتماعية والحياتية، وبحسب الدراسات، ترتفع فرصة ان يعاني كبار السن (من تعدوا عمر 65 سنة) من مرض أو حالة نفسية، كما ترتفع فرصة الإصابة بالاكتئاب في حالة وجود تاريخ شخصي سابق أو عائلي (عامل وراثي) للإصابة بالاكتئاب.


شدد الدكتور حسين الشطي، اختصاصي الطب النفسي على أهمية رعاية الصحة النفسية لكبار السن وتشخيص أي امراض يعانون منها. فبحسب منظمة الصحة العالمية يعتبر الاكتئاب غير المعالج كمسبب للإعاقة والوفاة المبكرة.


وشرح قائلا: يميل الكثير إلى التغاضي عن تشخيص وعلاج الاضطراب النفسي الذي يعاني منه كبار السن، وقد يعتقد البعض ان هذه الاضطرابات هي جزء طبيعي من الشيخوخة، إلا انها في الحقيقة مرض يجب علاجه حتى يصل المصاب الى مرحلة الشفاء. أما تركها من دون علاج فستؤدي إلى تدهور الحالة الصحية وجودة الحياة والمضاعفات الخطرة. لذا، ينصح بعلاجه عبر خطة طبية تتضمن الأدوية والنظام الغذائي والعلاج السلوكي والتمارين الرياضية.


5 أسباب لإصابة كبار السن


أكثر الأمراض النفسية شيوعا لدى كبار السن هي اضطرابات المزاج والاكتئاب وفرط القلق. وسبب ارتفاع فرصة إصابة كبار السن بهذه الأمراض يرجع إلى عدة عوامل، لخصها د.حسين في ما يلي:


1 - الإصابة بالأمراض المزمنة


ثبت علميا ارتباط الامراض المزمنة مع الأمراض النفسية، فمثلا:


◄ 40 % من المصابين بالسكر مصابون بالاكتئاب.


◄ 50 % من المصابين بأمراض القلب (السكتة او ضعف القلب) مصابون بالاكتئاب.


◄ 40 % - 50 % من مرضى السرطان مصابون بالاكتئاب.


2 - حدوث التغيرات الهرمونية


مع تقدم السن تحدث اضطرابات هرمونية تسبب ضغوطات كيميائية ونفسية، ما يزيد تقلبات المزاج والاكتئاب والقلق.


3 - تغيرات اجتماعية


مثل فقدان الأحباء والشركاء والأقارب وضيق دائرة المعارف، ويضاف الى ذلك تقدم عمر الأطفال واستقلاليتهم عن والديهم.


4 - تغيرات وظيفية


مثل التقاعد وضعف مسؤولية كبير السن في رعاية الاسرة واختلاف في نوعية الحياة.


5 - زيادة القلق والخوف من الأمراض


فمثلا، خلال جائحة كورونا، شددت الدراسات والاخبار على ارتفاع فرصة وفاة كبار السن المصابين بكورونا، ما ساهم في زيادة توترهم وخوفهم. فربط الوفاة مع اصابة كبار السن بالأمراض يسبب القلق والخوف.


واضاف د.حسين: في عز شبابه، كان كبير السن مسؤولا عن مركز قيادي في عمله وفي منزله، وذات الأمر ينطبق على ربة المنزل التي كانت مسؤولة عن إدارة المنزل ورعاية الأطفال، ولكن مع تقدم العمر تبدأ الوظائف الحركية والمهنية والمسؤولية العائلية في التناقص، ويضاف الى ذلك اصابتهم بأمراض مزمنة تقلل تحكمهم بحياتهم اليومية. وبسبب مرضه، سينشغل يومه بمواعيد الادوية ومراجعات الأطباء ويعتمد على الآخرين للذهاب الى المستشفى. لذا، يشعر كبير السن بأن البساط ينسحب من تحت قدمه وأن دوره في الحياة انتهى، بل أصبح يشكل ثقلا على الآخرين.


الأعراض


غالباً ما ترافق اكتئاب كبار السن أعراض خاصة تختلف عن الشباب المكتئبين، مثل:


- الانعزال وشعوره بالوحدة: والكثير لا يعترف بشعوره بالوحدة، بل يكابر ويشير الى تفضيله الجلوس لوحده، ولكنه في الواقع يأنس بزيارة اطفاله وأهله، ويحب ان يحيط به الناس.


- البكاء من دون سبب (بكاء لا إرادي).


- الشكوى من آلام جسدية منتشرة وغير مفسرة.


- التعب المزمن حتى بعد نوم مريح.


- عدم الالتزام بمواعيد الأدوية أو زيارة الطبيب، أو رفضها.


- نوع من العنف والغضب الزائد.


والمشكلة هي ان العديد من الأطباء والأهل يعتقدون بأن هذه شكوى كبار السن من هذه الاعراض أمر طبيعي. ولكن د. حسين شرح قائلاً: عندما يشتكي كبير السن من آلام جسدية وكآبة بسبب الاكتئاب، يتم تجاهل شكواه، او ربط اعراضه بمرض يعاني منه. فيشعر المصاب بنوع من التصغير، وكأن المرض العضوي أصبح تعريفاً له، وان شخصيته ومشاعره ليست مهمة.


مخاطر عدم علاج الاكتئاب


نبه د. حسين إلى أنه مع مرور الوقت تتفاقم الأعراض النفسية فتسبب:


- قلة النوم.


- اضطراب الوزن.


- تدهور العلاقات الاجتماعية.


- فقدان الاستمتاع بالحياة.


- زيادة شدة الأمراض المزمنة وصعوبة علاجها. وقد يقدم الشخص على إيذاء نفسه وتعريض حياته للخطر.


مضاعفات خطيرة


إصابة كبير السن بالاكتئاب تعد من الأمور الخطرة. وشرح د. حسين قائلاً: «عادة ما يكون كبير السن مصاباً بأمراض اخرى، ويسبب اكتئابه عرقلة لخطته العلاجية، لأنه يسبب اللامبالاة وإهمال تناول الأدوية والتخلي عن اتباع الإرشادات الطبية. ويعرف أن الاكتئاب يسبب الخمول وإفراز الجسم لهرمونات التوتر، مما يزيد شدة أعراض أمراضه وتدهور صحته ومضاعفات قد تؤدي إلى وفاته. وعليه، فتشخيص إصابة كبير السن بالاكتئاب مهم جداً لعلاجه قبل أن تحدث مضاعفات تسرع او تسبب وفاته».


خطة العلاج


قال د. حسين: يعتمد العلاج على العقاقير وجلسات التعديل السلوكي والتعبير النفسي، ومن المهم ان يضاف الى ذلك تناول تغذية صحية وممارسة الرياضة المناسبة. ولكبير السن وضع خاص، حيث يفضل البدء بالجلسات النفسية، ويمكن إضافة جرعات صغيرة من الادوية (مع الحرص على ان لا تتعارض مع الأدوية التي يتناولها). وأشار د. حسين الى اختلاف الخطة العلاجية بحسب نوع الاكتئاب. وشرح: «مضادات الاكتئاب يمكنها علاج انواع عدة من الاكتئاب، ولكن بعض الحالات تحتاج عقاقير أخرى. فعلاج الاكتئاب الذهاني مثلاً يتطلب اضافة مضادات الذهان، أما الاكتئاب الثنائي القطب فيتطلب اضافة مثبتات المزاج».


نصائح لمساعدة المرضى


1 - التأكيد على انه من الطبيعي والإيجابي طلب المساعدة إن كان يشعر بمشاكل أو مرض نفسي مثل الاكتئاب.


2 - تشبيه مشكلات الصحة العقلية بأمراض الصحة البدنية حتى لا يشعر بالنقص. فمثلما لا يتردد المصاب عن قصد الطبيب لتشخيص وعلاج أمراض السكري أو الضغط، فيجب ألا يختلف الأمر مع الاكتئاب أو أي مشكلة نفسية أخرى.


3 - تقديم الدعم العاطفي والاستماع للمشاعر والتجربة العاطفية للمصاب أمر بالغ الأهمية، وحتى لو شعرت بأن كلام الشخص غير منطقي بالنسبة لك، فعليك الاستماع واحترام ما يقوله المصاب.


4 - تجنّب تقديم النصائح او حلول غير مرغوب فيها، ولكن أعرض مساعدة الشخص بأي شكل يناسبه، بما في ذلك الوصول إلى العلاج.


5 - لا تتجاهل أبداً التعليقات حول إيذاء النفس. فغالباً ما تكون اعترافاً من الشخص وطريقة لطلب الدعم.


معلومات وتنبيهات


◄ ضرورة تقديم الدعم والرعاية المناسبة لكبار السن وعدم تجاهل شكواهم من الآلام


◄ مثلما نحرص على علاج السكري والضغط يجب علاج المرض النفسي


◄ غالباً ما ترافق اكتئاب كبار السن أعراض خاصة تختلف عن الشباب


◄ أكثر الأمراض النفسية شيوعاً لدى كبار السن هي اضطرابات المزاج والاكتئاب وفرط القلق


◄ إصابة كبير السن بالاكتئاب تعرقل خطة علاجه من الأمراض المزمنة

المصدر : موقع القبس.

إرسال تعليق

أحدث أقدم